ARTICLE AD BOX
12:16 م الإثنين 30 يونيو 2025
الإسماعيلية - أميرة يوسف:
داخل أحد الأندية بمحافظة الإسماعيلية، حيث تتلاقى رائحة اللحم المشوي مع صوت الموسيقى الخفيفة، يقف "أحمد" خلف شواية صغيرة، يرتدي مريول الطهي بدلاً من بدلة المحاماة، يُقلب قطع البرجر بعناية، كأنه يترافع عن نكهة تحتاج للإنصاف.
لم يكن يتخيل أحد أن هذا الشاب الثلاثيني، الذي قضى سنوات من عمره في دراسة القانون والدفاع عن القضايا داخل قاعات المحاكم، سيجد شغفه الحقيقي على صاج ساخن بين الخبز والجبن واللحم الطازج
يبدأ أحمد حديثه بابتسامة واثقة، قائلا: "المحاماة مهنة عظيمة، بس كنت دايمًا حاسس إن في حاجة تانية جوايا بتندهني.. من زمان بحب الأكل وبتابع وصفات وأجربها.. بس البرجر كان ليه حكاية خاصة".
بدأت الحكاية من جلسات الأصدقاء في ليالي الصيف، حين كان أحمد يطهو البرجر لهم ويتلقى كلمات الإعجاب، لكن الأمر تطور من مجرد هواية إلى مشروع صغير قرر أن يخوضه بجرأة.
يقول أحمد: "أصحابي كانوا دايمًا يقولولي (البرجر بتاعك لازم الناس تدوقه)، وفعلاً، بدأت أشتغل على الوصفة لحد ما وصلت للطعم اللي أنا راضي عنه 100%”.
استثمر أحمد وقته في تعلم أسرار الطهي، تابع أشهر الطهاة، جرب عشرات الخلطات، حتى توصل إلى مزيج خاص من اللحم والتوابل والصلصات، جعله يفتتح أول مطعم "أون لاين"، وفي غضون أشهر قليلة ذاع صيته في شوارع الإسماعيلية وبين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
عند سؤاله عن الفرق بين المحاماة والطهي، قال ضاحكًا: "المرافعة فيها منطق وأسلوب إقناع، والبرجر كمان لازم يقنع اللي بياكله من أول قضمة، لازم الطعم يكون عنده حُجّته".
لكن ما يميّز برجر أحمد ليس فقط الطعم، بل طريقة تقديمه وشغفه الواضح بكل قطعة لحم يطهوها. يتعامل مع الزبائن بنفس الاهتمام الذي كان يُخصصه لعملائه في المحكمة، يستمع، يشرح، ويعدّل الوصفة حسب رغبة كل فرد.
لم يكن الطريق سهلاً، فبعض المقربين استغربوا التحول المفاجئ في مسار حياته، إلا أن أسرته كانت أول الداعمين، وكانت تقول له دائمًا: "اللي بيشتغل بحب عمره ما يفشل".
اليوم، يقف طابور طويل أمام عربة "برجر المحامي"، كما يسميه زبائنه، ينتظرون طعامهم بشغف، وتنتشر صور ساندويتشاته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة بعبارات مثل “أحلى برجر في الإسماعيلية” و”النكهة دي وراها قانون خاص!”.
رغم نجاحه، لا يتوقف أحمد عند هذا الحد، بل يحلم بامتلاك مجموعة فروع لمشروعه، يقدم فيه البرجر ووصفات أخرى من ابتكاره، ويربط بين شغفه بالمذاق وقيم المهنة التي مارسها لسنوات.
وتابع أحمد حديثه، قائلا: "اللي اتعلمته من المحاماة خلاني ملتزم ودقيق، واللي بلقاه في البرجر هو متعة حقيقية.. أنا مشيت ورا قلبي، وده كان القرار الصح".
في النهاية، أحمد لم يترك القانون، بل أعاد تطبيقه بطريقته الخاصة.. على النار الهادئة، وبالنكهات العادلة.. على حد قوله.